تفتخر الرهبنة الأنطونيّة الهُرمزديّة الكلدانيّة بتاريخٍ عريق، ولها مجموعة ثمينة من المخطوطات المحفوظة لديها على مر العصور، وتعتبر واحدةٌ من أكبر المجموعات الدينيّة الخاصّة التي تعنى بالمخطوطات القيّمة في العراق، وتحتوي على المئاتِ منها في شتى الحقول: الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد مع تفاسير الآباء، الليتورجيّة، الصلوات، الفلسفة، اللاهوت، القانون، التاريخ، اللغة والأعمال الأدبيّة المتنوعة. إن مُعظمُ هذه المخطوطات هي مكتوبةٌ باللغةُ السُريانيّة وبعضها بالسورث والعربية وأخرى باللغةُ التركيّة والفارسيّة والعبريّة.

تَضمُ هذه المجموعة العديد من المخطوطات القديمة التي تتراوحُ أعمارُها ما بين القرن الثامن الميلادي وحتى يومنا هذا، إلى جانب الآلاف من الوثائق الأرشيفيّة من المراسلات الشخصيّة للعديدِ من الشخصيات المعروفة من بَطاركةٍ واساقفةٍ ورؤساءَ عامين ورجالُ دينٍ ودولة، فضلاً عن أرشيف الصور والتوثيقات السمعية والبصرية والمقتنياتُ الاثريّة والذخائر والطوابع وغيرِها الكثير. إذ قامت الرهبنة ومازالت تقوم بكل ما في وسعها للحفاظ على مجد آبائنا الرهبان ومكانتها في مساندة كنيستنا الكلدانيّة ونشر الإيمان القويم والتعليم والخدمة دون كلل أو ملل بالرغم من كل الصعوبات التي تواجهها.

من الجدير بالذكر، أنّ الرهبنة الأنطونيّة الهرمزديّة الكلدانيّة قد قامت مؤخراً ببناء مركزٍ ثقافي في مدينةِ عنكاوا في أربيل تحت إسمْ المكتبة السُريانيّة (Scriptorium Syriacum) لإجل المحافظة على هذه المخطوطات ودراستِها وفهرستِها وتصويرِها ووضعِها على شبكة الأنترنيت لفائدةِ الباحثين وبمواصفات عالميّة. ومن أجل الحفاظ على هذه المخطوطات القيمّة وترميمها وتصويرها وفهرستها، دعت الرهبنة وبالتعاون المستمر مع المكتبة الوطنية الفرنسيّة (BnF) كادراً من المعهد الوطني للتراث (INP) لاقامة دورة في ترميم المخطوطات لنخبة من خريجي قسم اللغة السريانيّة في جامعة صلاح الدين – اربيل، وبعض من الآباء والرهبان والراهبات. إبتدأت الدورة بتاريخ 20 أيلول ولغاية 28 منه، وقدّمت من خلالها دروس نظريّة وعمليّة في كيّفية الإعتناء بالمخطوطات ووصفها وتقييم حالتها والقيام بالترميم الوقائي لها وفق الأنظمة العالميّة المعتمدة.

في ختام الدورة تم دعوة القنصل الفرنسي في اربيل السيد اولفيي ديكوتنيي لحفل تسليم الشهادات للمشاركين في هذه الدورة، والآباء الدومنيكان وأساتذة قسم اللغة السريانية، وبدأت المراسيم في كنيسة مار انطونيوس في المجمّع العام للرهبنة الانطونيّة الهرمزديّة الكلدانيّة – أربيل، وابتدأت الاحتفاليّة بكلمة الأنبا د. سامر صوريشو يوحنّا الراهب الرئيس العام للرهبنة شرح فيها دور الرهبنة في الحفاظ على الارث الثقافي والانساني الذي ترغب الرهبنة بالحفاظ عليه وجعله في متناول كل الباحثين والدارسين في هذا المجال، وعرج على دعم المكتبة الوطنية الفرنسيّة (BnF) شريكة الرهبنة والمعهد الوطني للتراث (INP) على تقديمهما كل التسهيلات والمساعدات لتحقيق هذا الهدف النبيل، ومن ثم تلت كلمة ممثلة المعهد الوطني للتراث السيدة كارولين جيلو التي تحدثت عما قدموه للمتدربين من خريجي قسم اللغة السريانية في جامعة صلاح الدين، وتلى ذلك كلمة سعادة القنصل الفرنسي الذي أشاد بدور حكومته في مساعدة العراقيين بكل السبل الممكنة وخاصة في مجال حفظ التراث الانساني ودعم اللحمة الوطنيّة.

بعد الكلمات الرسمية وتوزيع الشهادات قام الحضور بزيارة مباني المجمع الجديد الذي اعتبره الجميع مفخرة لكنيستنا الكلدانيّة متمنين استكماله باقرب وقت لبدء نشاطاته لخدمة ابناء كنيستنا في الجوانب الرعوية والثقافية والتراثية، ومن ثم توجهوا الى دار الضيافة لتفقد نتاج جهود المشاركين والتمتع بتصفح بعض المخطوطات المعروضة، وتجاذبوا اطراف الحديث في جو متفتح يتسم بتبادل الخبرات الثقافية مابين الغرب والشرق.

ليبارك الرب بجميع الساهرين على هذا المشروع والعاملين فيه ليكون مصدر اشعاع لكنيستنا

دورة تدريبيّة لحفظ وترميم المخطوطات في المجمّع العام للرهبنة الأنطونيّة الهرمزديّة الكلدانيّة – عنكاوا