احتفلت رئاسة دير السيدة بمناسبة عيد انتقال مريم العذراء الى السماء في القداس الإلهي، الذي ترأسه الأب روفائيل حنا بيداويد الراهب رئيس الدير، وبحضور عدد من الرهبان ولفيف من الشمامسة وحشد من أهالي القوش المؤمنين، كما وحضر العديد من الزائرين الذين أتوا من عدة مناطق أخرى للمشاركة في القداس ونيل البركة من هذا الدير المقدس، وذلك عصر يوم الخميس الموافق 15 آب 2019.
وقد ألقى الأب المحتفل موعظة بهذا المناسبة ذكر فيها: “فرح عظيم اليوم يطل على كنيستنا، إذ تحتفل بواحد من أكبر الأعياد المريمية، وهو عيد انتقال السيدة مريم العذراء الى السماء. ومريم لها مكانة خاصة ومميزة في قلوبنا، وفي إيماننا، وفي تاريخ ومسيرة كنيستنا وشعبنا. ونحن مدعوون اليوم الى وقفة ضمير لكي نستعيد إيماننا وثقتنا بالله، ولكي نستعيد ذاكرتنا التاريخية لنتطلع من خلالها الى مستقبل واعد نبنيه نحن ونسلمه الى أولادنا وأجيالنا الطالعة. نقف في هذا المكان المقدس مع مريم لنشكر الرب على نعمهِ الكثيرة والمجانية التي اعطيت لمريم تلك (الممتلئة نعمة)، حيث اختارها الله لتكون أماً لأبنها يسوع المسيح الذي ولد إنساناً بيننا ورضي ان يحمل إنسانيتنا، وان يموت فيها على الصليب لكيما بموته وقيامته يفتدي البشر. عرفت مريم كيف تتجاوب مع دعوة الله، بقولها: ها آنذا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك. وابتدأت معها مغامرة الخلاص، مغامرة الحب؛ حب الله للبشر، إنها بحق أمثولة لنا في التواضع وفي المحبة والتضحية في الخدمة وبصمت، وفي التسليم الكامل لإرادة الله.
نشكر الله اليوم على نعمهِ الكبيرة، لأننا ولدنا في أرض مقدسة حاملين ارث آباء واجداد قديسين، عرفوا كيف يعيشون بصدق واخلاص إيمانهم بالله وثقتهم الكاملة وتسليمهم الكلي له، بالرغم من كل صعوبات الزمن القاسية وبالرغم من الاضطهادات والتحديات، اعتبروا أرضهم وقفاً لله، فحافظوا عليها فكانت عنصراً من عناصر هويتهم. لقد عاشوا على هذه الأرض الصخرية القاحلة وحولوها الى واحات خضراء، إننا نحصد اليوم مواسمها، لأنهم قبلوا أن يضحوا ويتعبوا ويعطوا كل شيء في سبيلنا نحن الأبناء. علينا نحن اليوم، أن نتأمل ما أعطاه لنا الآباء والأجداد وأن ننفتح بدورنا على الله والعالم بعطاءٍ كامل، وان نقبل بان نضحي، هذا يعني ان نخرج من أنانيتنا ومصالحنا الشخصية وان ننفتح على اجيالنا القادمة ونعطيهم ما سلم لنا، وان نقبل أن لا نحصد ما نحن نزرع، بل نحن نزرع وهم يحصدون، نزرع في الصعوبات والتحديات في الازمات الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية، ليكون لا بناءنا مستقبل أفضل مما نعيشه اليوم في حاضرنا.
قبلت مريم ان ترافق ابنها بالتضحيات والآلام وعلى أقدام الصليب، لأنها كانت متأكدة انه بعد الصليب والألم والموت، هناك القيامة بل مجد القيامة في الملكوت، وهذا ما يجب ان يكون رجاؤنا نحن…
واختتم موعظته بطلب شفاعة أمنا مريم العذراء لتحمي بيوتنا وعوائلنا وكنائسنا وأديرتنا وبلدنا، ومن أجل السلام والأمان في الشرق، كما وهنئ الجميع في هذا العيد المبارك.
بعد البركة الختامية أقيم الزياح المريمي انطلاقا من الكنيسة يتقدمهم الصليب الظافر وإيقونة مريم العذراء وعلى الحان التراتيل الطقسية والمدائح الشعبية التي شارك بها الجميع، مروراً في ساحات الدير وبين اروقته وصولاً الى الكنيسة لنيل البركة من أيقونة مريم العذراء.
بعد انتهاء الاحتفال، تخلل البرنامج مشاركة الجميع في مقاسمة كوكتيل المحبة وسط الفرحة والبهجة التي عمت على الجميع.