مقال نشر في مجلة ربّنوثا السنة التاسعة – العدد 29 – حزيران 2004

المقدمة

نشأت الحياة الرهبانية في بلاد ما بين النهرين منذ القرن الثالث للميلاد، وانتشرت في أوائل القرن الرابع بمساعي ابائنا الرهبان الأوائل ثم جدد شؤونها ابراهيم الكشكري[1] الملقب بابي الرهبان، الذي علينا ان نقر بفضله في تنظيم الحياة الرهبانية في كنيسة المشرق (الكلدو – اثورية) وانتشار الأديرة بشكلها النظامي والمتطور، وذلك في اواسط القرن السادس الميلادي، فهو مولود في قرية كشكر سنة (491-492م)، ويذكر انه بعد دراسته في الحيرة قصد مصر وانقطع في صحراء سيناء، كما درس في نصيبين وسكن جبل الازل في دير ايزلا.

لقد شيدت معظم ديارات المسيحيين في الاماكن المنقطعة عن الناس بين ضواحي المدن البعيدة والحدائق المثمرة، والرياض الفسيحة والوديان العميقة، أو فوق المستشرفات المرتفعة والهضاب العالية والجبال الشامخة تستوقف انظار الناس من بعيد. وكان بناؤها وهندسة قلاليها ومخطط مرافقها حصوناً منيعة تتخلله كنائس جميلة ومذابح عجيبة، وبيوت اكل واسعة هذا فضلاً عن مخادع للمستودعات وصهاريج للماء ودور للضيوف.

عاش الرهبان في ديارات العراق القديمة على نمطين وهما: نظام الحياة المشتركة ونظام المعيشة المنفردة، فالرهبان الذين ساروا على طريقة النظام الأول سكنوا بناء واحدا في مؤخر الدير يلبسون ألبسة موحدة من الصوف الاسود لا ينفرد احدهم عن الآخر ولجميعهم بيت طعام واحد وبيت للمنام وخزانة كتب يطالعون في ردهاتها، أو ينسخون فيها الاسفار الدينية، وحول هذا البناء القلالي، أو الصوامع يزاولون فيها الأعمال اليومية إلى جانب الزراعة وما تحتاج إليها من الصناعات اليدوية الصغيرة.

أما الديارات التي كان رهبانها يسيرون على نظام المعيشة المنفردة وهي عديدة فكانت صوامعها، أو قلاليها منفصلة عن الدير ينفرد كل راهب بواحدة منها. لها باب ظاهر يتبعها بستان فيه البقول والرياحين والاشجار المثمرة يقوم الراهب على بزراعتها والارتزاق من بيع غلتها، ومن ديارات النظام الثاني دير قني[2].

دير قني

يقع دير قني[3] في الجانب الشرقي من نهر دجلة على نحو تسعين كيلومتراً جنوبي بغداد، وتشاهد اطلاله اليوم في شمالي العزيزية الحالية ويسميها الاهلون (تلول الدير) وقد تبعد عن ضفة نهر دجلة الخالد زهاء كيلومترين بينما كان الدير لدى تأسيسه أقرب إلى النهر مما هو الان[4].

قال ياقوت الحموي: (دير قني بضم أوله وتشديد ثانيه مقصور ويعرف بدير ماري السليح[5]). وهو على ستة عشر فرسخاً من بغداد منحدراً بين النعمانية وهو في الجانب الشرقي معدود في أعمال النهروان وبينه وبين دجلة ميل وعلى دجلة مقابله مدينة صغيرة يقال لها الصافية وقد خربت ويقال له دير الاسكول[6] أيضاً.

وورد في كتاب الديارات للشابشتي: (وهذا الدير على ستة عشر فرسخاً من بغداد منحدراً في الجانب الشرقي بينه وبين دجلة ميل ونصف، وبينه وبين دير العاقول[7] بريد).

ولا شك ان الدير عند تأسيسه كان أقرب إلى النهر مما ذكرنا، لان المعماريين لاقوا مشقات جمة لكثرة رطوبة المكان، لانه كان قريباً من ضفة نهر دجلة. وكثيراً ما كان يفرش الرهبان الحصر والثياب من الشط إلى الدير عندما ينـزل الجاثليق من الشبارة[8] لزيارة قبر مار ماري الرسول في هذا الدير.

كان دير قني ديراً حسناً نـزهاً عامراً وفيه مائة قلاية لرهبانه والمتبتلين فيه لكل راهب قلاية، وهم يتبايعون هذه القلالي بينهم من ألف دينار إلى مائتي دينار إلى خمسين دينار، وحول كل قلاية بستان فيه جميع الثمار والنخيل والزيتون وعليه سور عظيم يحيط به وفي وسطه نهر جار[9]. وكانت المياه تنساب من نُهير كان يجري في وسط الدير، ولا شك أن مياه هذا النهير كانت توخذ من النهروان باعتبار أن مستواه أعلى من مستوى دجلة.

يقول ياقوت الحموي في وصفه هذا الدير: (وعليه سور عظيم عال محكم البناء)[10]. كان هذا السور منيعاً في حدود سنة 545 هجرية = 1150 ميلادية، وذلك عند اقتراب العساكر السلجوقية من قرية بنارق القريبة من دير قني، وانهزم أكثر سكانها، قال بعض أولئك المنهزمين: (فلما كان الليل، عبرنا دجلة لنجيء إلى دير قني لانه ذو سور منيع وبتنا فيه، ثم تفرقنا في البلاد)[11].

وكان إلى جانب دير قني قرية كبيرة تعرف أيضاً بدير قني. خرج منها مشاهير الناس فيهم الكاتب والوزير منهم علي بن عيسى بن داود الجراح، ومحمد بن داود بن الجراح، والحسن بن مخلد بن الجراح، والوزير بن الفياض، ومتى بن يونس، والفضل بن يحيي فرحان شاه الديراني النصراني، ومالك بن شاهي النفري وغيرهم.

كان دير قني في بلاد ما بين النهرين حصناً يدافع عن المسيحية ومناراً تشع منه أنوار الفضائل، وقد لحد في مقبرته الواسعة (الجاثليق مار اسحاق المتوفي سنة 411م). والجاثليق يابالاها المتوفي 420م والجاثليق داديشوع المتوفي سنة 456م وغيرهم، وامتازت كنيسته العظيمة بمؤسسها المدفون فيها الرسول مار ماري رسول المشرق. فكان الناس يزورونها ولا سيما في عيد الصليب[12] ليشتركوا في الاحتفالات والمراسيم الدينية التي يقوم بها رهبان الدير. كما كان كل جاثليق لكنيسة المشرق ملزماً بحسب المراسيم الدينية أن يزورها، فبعد تنصيبه في كنيسة كوخي، أو سلوقية يتوجه إليها مع جماعة من المطارنة والاساقفة وعظماء الشعب، ثم يرجع إلى كرسيه في المدائن، أو إلى بغداد أيام نقل الكرسي إليها.

جدد بناء هيكل كنيسة دير قني سبريشوع الجصلوني أسقف كاشغر، على اثر إحدى النكبات التي لحقت به، ثم تلاه الجاثليق مار ايليا الثالث المعروف بابي حليم[13]، أو ابن الحديثي الذي ولد في ميافرقين في نحو سنة 1108م، ورسم مطراناً لنصيبين، ثم اختير جاثليقاً ورسم في 24 كانون الثاني سنة 1176م، وتوفي سنة 1190م. قال عمرو بن متى: (ولما عاد مار ايليا من المدائن إلى القلاية بدار الروم ورأى قد استولى عليها الخراب فشرع في عمارتها وعمارة البيعة ووفقه الله، وجرت الخيرات على يده واسام جماعة من المطارنة والاساقفة، وجدد بناء هيكل مار ماري الرسول بدير قني وغيره من البيع والاديرة)[14].

عيد دير قني

كان لدير قني عيد خاص ينفرد به تقريباً دون سواه، فيشمل جمال العيد وابهته جميع سكان الدير ويمتد إلى ما يجاور الدير من قرى وأرياف، فيخرج الرهبان والقسوس في ذلك العيد إلى المذبح وبأيديهم المجامر، وقد تقلدوا الصلبان وتوشحوا بالمناديل المنقوشة، وجميعهم يرتلون التراتيل الدينية، فتتجلى عندئذ عظمة العيد وجماله، ويتقاطر الناس من القرى المجاورة ليشتركوا بهذه المظاهر[15]، وكان في دير قني صخرة مصنوعة يُنضح منها الدهن في يوم عيده، فيأخذ المسيحيون للبركة ويسمونه طيبوث[16]. ومن الأعياد العظيمة في دير قني هو عيد الصليب، وكثيراً ما ينحدر الجاثليق إلى دير قني، ليقوم بنفسه بالمراسيم العظيمة التي تُقام في هذا العيد.

دير قني في الشعر

تغنى الشعراء بمقطعات وقصائد في هذا الدير، وأطلقوا العنان لقرائحهم في التصور والتفنن في النظم، وأمامنا بعض المقطعات الخالدة من جمال الشعر:

– وقد وصف دير قني الشاعر ابو علي محمد[17] بن الحسين بن جمهور:

يا منـزل اللهـو بديـر قُنا
سقـياً لايـامـك لما كـنا
أيام لا أنعمَ عـيـش مـنّا
وإن فـنى دَنٌ نـزلنا[18] دنّا
ومُسعدٍ في كـل ما أردنـا
أحسن خـلق الله أدى لحنـا
بالله، يا قسـيس يا ما قُنا[19]
متى رأيـت فتيـتي تـحنا
 قلبي إلى تـلك الربى قد حنا
نحتار منـك لـذة وحُســنا
إذا انتشـينا وصحـونا عُدنا
حـتى يُظنّ انـنا جُـنـنا
يحكي لنا الغصن الرطيب اللّدنا
وجسَّ زيـر عـوده وغَنــا
متى رأيـت الرشـا الأغـنا
آهٍ، اذ ما مـاس أو تـثـنى.

– وفي قصيدة أخرى لنفس الشاعر إذ قال:

وكم وقفةٍ في دير قُنى وقفتها
وكم فتكةٍ لي فيه لم أنس طيبها
 أغازل فيه فاتن الطّرف أحورا
أمتُّ بها عُرفاً وأحييت منكرا

– وبات فيه الوزير علي بن مقلة ثم اصطبح فيه، وقال:

بتت يدي تجني ثمار الجناح
حتى تلا الراهب مزموره،
فهل فتى يسعدني عاقد
اطيعه في كل ما يشتهي

 بدير قنى من وجوه ملاح
وضمخ الأفق خلوق الصباح
ذيل غبوق بذيول اصطباح
كطاعة الريش لأمر الرياح

مدرسة دير قني

أقام دعائم هذه المدرسة أو هذا الاسكول مار ماري الرسول المتوفي نحو (82م) في دير قني وسمي باسمه[20].ان مدرسة دير قني طرأت عليها تقلبات الزمن وان توالى الاضطهادات حال دون وصول اخبارها الاول الينا كما حال دون وصول اسماء مدرسيها وطلابها الاولين. بيد انها قد صحبت الدهر زمناً مديداً فتقدمت حيناً وتأخرت أحياناً حتى أصبحت على تراخي السنين أكبر مدرسة، أو كلية لاهوتية جنوب بغداد، وخرج منها أعظم مشاهير المسيحيين، وكان اكابر البغاددة يرسلون إليها اولادهم[21].

وممن نشأ في مدرسة مار ماري ودرس في صفوفها زهاء اربعين عاماً العالم المنطقي الذائع الصيت ابو بشر متى بن يونس (المتوفي سنة 940 م)، وقرا عليه الناس المنطق فكان يجتمع في حلقته كل يوم المنشغلون بهذا العلم ومن جملتهم الفيلسوف الكبير الفارابي. وقد قال عنه القفطي: (متى بن يونس النصراني المنطقي أبو بشر نـزيل بغداد عالم بالمنطق شارح له مكثر مطيل للكلام قصده التعليم والتفهيم وعلى كتبه وشروحه اعتماد أهل هذا الشأن في عصره ومصره)[22]، أما مؤلفاته فكثيرة ومعظمها في شروح كتاب أرسطو فكتب عنه سبعين سفراً وعرب غيرها من اللغة اليونانية والسريانية[23]، وقد جرت بينه وبين ابي سعيد السيرافي مناظرة كبرى في المفاضلة بين النحو والمنطق وقد حكاها كلها ابو حيان التوحيدي[24]ومما نجا له من آفات الزمان سفر ضخم في مكتبة باريس يرتقي عهده إلى القرن الثاني عشر للميلاد يضم بين صفحاته مقالات لارسطو معربة تعريباً دقيقاً متقناً، وقد طبع منها مقالة الشعر في لندن (سنة 1887م)[25].

ومن مدرسي مدرسة مار ماري، الجاثليق اسرائيل الأول المتوفي (سنة 962م). فكان من كرخ جدان وبعد ان ترهب في دير سبريشوع في واسط سقف على مدينة كشكر ثم نصب جاثليقاً، وهو من ادباء عصره وخطباء زمانه ذرب اللسان قوي الحجة، وقد اشتهر بزهده وعفافه، واكرمه الخليفة المطيع بالله (334-363 هجرية = 946-974م) لعلمه ومناقبه الجمة[26]، وذكر له ابو بركات كتاباً في اصول الديانة، وروى له ابن العال في كتابه اصول الدين مقالة حسنة في شريعة العدل[27].

ومن تلاميذ مدرسة مار ماري الرسول في دير قني عبد يشوع الراهب الذي عاش في عهد الجاثليق عمانوئيل الأول المتوفي سنة 960م، فقد حبر تعزيات رقيقة العبارات وتراجم ضافية الاذيال وفصولاً مدبجة بالغاز دقيقة المعنى بعيدة المغزى[28].

ومنهم الجاثليق ايشوعياب الرابع بن حزقيال المتوفي سنة 1025م، وبعدما خرج من مدرسة مار ماري الرسول، رسم كاهناً ومديراً لها فحمدت طريقته وحسن اثره في العفة والعلم، وسقفه الجاثليق عبد يشوع الأول المتوفي سنة 986م على القصر والنهروانات، وانتشر ذكره بالجميل فاختير جاثليقاً في خلافة القادر بالله (381-422 هجرية = 991-1031م)[29].

ومنهم الجاثليق سبريشوع زنبور[30] المتوفي سنة 1072م، الذي كان من دير قني، حيث رسم كاهناً ثم سقف على جنديسابور وكان عالماً متضلعاً من الاداب الكنسية، فرسم جاثليقاً في 3 آب عام 1061م. وبامر الخليفة القائم بامر الله (422-467 هجرية = 1031-1075 ميلادية) نصب جاثليقاً ومنحه براءة ايد فيها حقوقه، وقد وافى فيها: (اقامك سلطان المؤمنين جاثليقاً للنصارى القاطنين في بغداد مدينة السلام، وفي كل البلاد والاقاليم ويعلن انك رئيسهم ورئيس الساكنين في بلاد المسلمين والذين ياتون إليها، ويامر بان يطيع الجميع اقوالك)[31]، هؤلاء وغيرهم امثال مار عبدا الراهب المعروف بعبد يشوع القناني[32] الذي تثقف في مدرسة مار ماري الرسول، حيث بنى ديراً واسع الارجاء في قرية قني مسقط رأسه.

وكانت تدرس في مدرسة دير قني اللغة السريانية، واليونانية والعربية، ويضاف إلى هذه اللغات مجموعة قيّمة من العلوم والفنون والنحو والمنطق والشعر والهندسة والموسيقى والفلك والفلسفة والعلوم الدينية، وبطبيعة الحال فقد كان لها خزانة كتب حافلة تضم الكثير من المؤلفات القيّمة التي كانت متداولة في ذلك العصر[33].

الخاتمة

لم تصلنا معلومات كافية عن خراب هذا الدير ونهايته، فقد ذكر ياقوت الحموي المتوفي سنة 626 هجرية = 1228 ميلادية: (واما الان فلم يبق من الدير غير سوره وفيه رهبان صعاليك كانه خرب بخراب النهروان)[34]، ويبدو من كلام صاحب مراصد الاطلاع المتوفي سنة 739 هجرية = 1338 ميلادية) ان الخراب في عهده كان يشمل هذا الدير باسره إذ قال: (وهو دير عظيم شبيه بالحصن له سور عال محكم البناء، قيل فيه مائة قلاية لرهبانه يتبايعونها بينهم بثمن كثير واستولى عليه الخراب)[35]. ويوخذ من كلام ابن عبد الحق في مراصد الاطلاع ان هذا الدير قد استولى عليه الخراب في عهده، ومن المعلوم ان وفاته كانت في اوائل القرن الرابع عشر للميلاد.

واننا نعلم ان سبب خراب النهروان هو اختلاف السلاطين السلجوقيين وقتال بعضهم لبعض، ومنافستهم التي دمرت كل عمران، ولا يخفي ان الصدمات التي لاقاها الدير كانت كثيرة العدد بالغة التخريب، فقد قال ماري ابن سليمان: (ان الملك فيروز بعد عودته من بلد الترك (أيام بابويه) عاد شره ورام محق النصرانية، فصار يهد الكنائس والديارات، ومن المؤكد أن بعض شظايا هذه النكبة كانت قد أصابت دير قني فابادت قسماً من معالمه)[36].

ومن النكبات التي حلت به ان الكواكبي المعروف بابن البقال، الذي كان معلماً لبهاء الدولة، اعتقل الجاثليق ببغداد، وانحدر إلى دير قني وتناهى في القبح وفعل الشر، فشتت الرهبان وصادرهم، فقبض عليه وحُمل إلى بغداد وقُتل ورميت جيفته إلى الماء[37].

نخرج من مقالنا هذا ان دير قني الشهير ظل عامراً برهبانه مدة طويلة قد تبلغ الألف سنة، ثم تطاولت عليه يد الزمن وانتابته الأهوال، فألحقته بالكثير من رفاقه، التي صرنا لا نعلم عنها أكثر مما نقع عليه من الشذرات المتناثرة في بطون الكتب.

الأخ أشور ياقو الراهب


1- ابراهيم الكشكري: سن ابراهيم الكشكري (12) قانوناً عام 571م تناول فيها ضرورة الهدوء والاختلاء، والتقشف، والصوم، والتأمل، والصمت، وحارب نزعة التجوال لدى الرهبان وعدم استقرارهم في أديرتهم.

2- قني: هناك حكاية تشير إلى ان مار ماري الرسول تلميذ الرسول ادي، وهو من ابناء المائة الأولى للميلاد، أسس دير قني، وخلاصة ذلك ان إمراة نبيلة تدعى قني وهي اخت الملك ارطبان الذي كان يقيم في قطيسفون. اصيبت بمرض عضال (البرص) فشفاها الرسول مار ماري باعجوبة، فقابلت إحسانه بأن وهبته كثيراً من ضياعها وأراضيها، فشيد فيه ديراً هو دير قني. يقول الاب البير ابونا: (كان الملك ارطبان الذي يقيم في قطيسفون وكوخي، ولكي يختبر الملك مصداقية رسالة مار ماري الرسول، عرض عليه أن يشفي اخته قٌني المصابة بداء عضال (البرص) والساكنة في منطقة بعيدة، ورضي الرسول مار ماري بالذهاب إليها، وشفاها من مرضها الذي كان يبقيها في عزلة عن المجتمع وبعيدة عن أخيها الملك، واراد الملك ارطبان ان يكافئ مار ماري الرسول على شفائه اخته قني، أهدى الملك إليه أرضاً بالقرب من العاصمة قطيسفون في منطقة من اكواخ، او صرائف كان يسكنها فعلة الملك ومزارعوه، حتى عم اسم الاكواخ (كوخي) على تلك المنطقة كلها، وهناك أقام مار ماري الرسول الكنيسة الأولى الصغيرة التي تم ترميمها وتوسيعها في الاجيال اللاحقة، ولا سيما في عهد الجاثليق مار آبا الكبير في القرن السادس). البير ابونا، ملزمة (كنيسة المشرق في سطور)، كلية بابل الحبرية للفلسفة واللاهوت، بغداد – العراق، 2001-2002.

3- اختلف الكتاب والمؤرخون في ضبط لفظة (قُني) التي عرف بها هذا الدير، فقالوا فيها: (قُنّى) و (قُني) و (قُنّا) و (قُنّه) و (قُنّ) و (قُونِي). (الديارات، تاليف ابي الحسن علي بن محمد المعروف بالشابشتي، عني بتحقيقه ونشره الاستاذ كوركيس عواد).

4– مجلة المشرق 37:180، ومراصد الاطلاع لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق 1: 435.

5- السليح: كلمة مأخوذة من (شليحا) السريانية معناه الرسول.

6– الاسكول: كلمة دخيلة استعارها ادباء السريانية من اليونانية بمعنى المدرسة.

7– دير العاقول: يقع بين مدائن كسرى والنعمانية بينه وبين بغداد خمسة عشر فرسخاً على شاطئ دجلة، فاما الان فبينه وبين دجلة مقدار ميل، وكان عنده بلد عامر واسواق ايام كون النهروان عامراً، فاما الان فهو بمفرده في وسط البرية وبالقرب منه دير قني. (ياقوت الحموي: معجم البلدان 2: 676).

8– الشبارة: ضرب من السفن النهرية.

9– كتاب الديارات للشابشتي، كوركيس عواد.

10– ياقوت الحموي (معجم البلدان 1: 739). وأثار البلاد للقزويني، (ص 106).

11– كتاب الديارات للشابشتي، كوركيس عواد.

12– المجدل: ص 116و 120 و122، واخبار فطاركة كرسي المشرق، ص 152و 154، وذخيرة الاذهان 1: 41و 157.

13 الأب البيرابونا، تاريخ الكنيسة الشرقية، الجزء الثاني، ص 254، دار المشرق- بيروت 1993.

14– رفائيل بابو اسحق، مدارس العراق قبل الاسلام، مطبعة شفيق، بغداد – 1955.

15– ميخائيل عواد، دير قني، مجلة المشرق، ص 188 المطبعة الكاثولكية، بيروت – لبنان 1939.

16– طيبوث: كلمة سريانية الأصل مشتقة من (طيبوثا) بمعنى النعمة أو البركة.

17– هو الشاعر ابو علي محمد بن الحسين بن جمهور القمي، وكان ابو علي ظريفاً متأدباً، مليح الشعر والكتابة، وقد سافر في طلب العلم، وتطرح في مواطن اللعب، وعاشر أهل الخلاعة، وطرق الحانات والديارات. ثم أقام بالبصرة وحسنت حاله بها، وصارت له نعمة كثيرة.

18– لعل الأصل: بزلنا.

19– ولعله أراد (مار قني) على وجه الاختصار في لفظة (مار) وان كان في ذلك مأخذ عليه.

20– رفائيل بابو اسحق، مدارس العراق قبل الاسلام، ص 57، مطبعة شفيق، بغداد – 1955.

21– نفس المصدر.

22– اخبار الحكماء لجمال الدين القفطي، مصر 1326 هجرية، (ص 354). وجاء في الفهرست: (ابو بشر متى بن يونس وهو يونان من أهل دير قنى ممن نشأ في اسكول مار ماري. قرأ على قويري وعلى دوفيل وبنيامين وعلى ابي أحمد بن كرنيب واليه انتهت رئاسة المنطقيين في عصره)

23– مجلة الضياء للشيخ ابراهيم اليازجي، ص 354، (مصر – 1899 – 1900)

24– كتاب الامتناع والمؤانسة لابي حيان التوحيدي (1: 107 – 124)، مصر – 1939.

25– كتاب المخطوطات العربية للاب لويس شيخو اليسوعي، ص 19، بيروت – 1924.

26– اخبار فطاركة كرسي المشرق، ص 98-99، والمجدل، ص 91-93، وذخيرة الاذهان (1: 426-427)، والتاريخ الكنسي (2: 442).

27– كتاب المخطوطات العربية، للاب لويس شيخو اليسوعي، ص 31، بيروت 1924

28– رفائيل بابو اسحق، مدارس العراق قبل الاسلام، مطبعة شفيق، بغداد – 1955.

29– نفس المصدر.

30– الأب البير ابونا، تاريخ الكنيسة الشرقية، الجزء الثاني، ص 230، دار المشرق، بيروت- لبنان 1993.

31– المجدل، ص 100-101، اخبار فطاركة كرسي المشرق، ص 121-126، ذخيرة الاذهان(1: 458-459)، التاريخ الكنسي(2: 301).

32– القناني: نسبة إلى قني وهي قرية مجاورة لدير قني.

33– ادي شير، كلدو واثور، ص 7 من مقدمة المجلد الثاني.

34– معجم البلدان (2: 687)

35– مراصد الاطلاع (1: 437-438).

36– ماري، ص 43، والتاريخ السعردي 2: 15.

37 ماري، ص 108-109.